أنس الدغيم
تصدير المادة
المشاهدات : 3561
شـــــارك المادة
أنا مواطنٌ عاديّ
لا أعمل في السياسة و لا في العسكرة و سيرتي الذاتيّة فقيرةٌ جداً بسطورها ليس فيها أكثر من اسمي و اسم أبي و أمّي و تاريخ الميلاد و لذلك فإنّني لا أعمل في واحدة من المنظّمات المنتشرة على امتداد سوريا و التي تطلب للوظيفة أوّل ما تطلب … سيرتك الذاتيّة. أعملُ عتّالاً في سوق الخضرة يوميّتي حتّى السّاعة الرابعة مساءً و حتّى الآن 400 ليرة سوريّة على الرغم من تدهور العملة، و عندما أسمع صوت #المرصد على قبضة #معلّمي اللاسلكية مبشراً بتحرير بلدة أو حاجز أعتذر من المعلّم عن متابعة العمل و أرجع إلى البيت حاملاً أفخر أنواع التفّاح و الـ ( يوسف أفندي ) و قائلاً في نفسي: (طالعت اليوميّة). كلّما سمعت #نحنحةَ مؤذّن مسجد حارتنا على مكبّر الصوت أضع يدي على قلبي و أقول ( اللهمّ اجعله خيراً ) و تقول لي أمّ سالم : ما بك يا رجل، أولادنا مثل أولاد الناس، و ليسوا لوحدهم على الجبهات أقول لها : يا أمّ سالم، إنني أرفع رأسي بكلّ شهيد في هذا البلد و لكنّني أبكي لفقده و لبكاء أمّه، و أشعر بأنّ رقماً جميلاً قد نقص من رصيد عمري. في سوق الخضرة أسمع كلّ يومٍ أكثر من عشرة أسماء لفصائل و حركات و كتائب و لكنّها لا تنزل أبداً في حسابات الذاكرة عندي ما يهمّني فقط هو التحرير و التقدّم على الجبهات. و لا يؤلمني أكثر من أن يُقال : اقتتل الفصيل الفلانيّ مع الفصيل الفلانيّ و أشعر بأنّ ورقةً بيضاء قد نقصت من دفتر الثورة و رصيدها. و تمرّ أمام عيني في كلّ يومٍ عشرات الرّايات منها ما أستطيع قراءة ما كُتب عليه و منها ما لا أستطيع. كلّها عندي #علم_الثورة الذي كانت تطرّزه أمّ سالم لشباب الحارة قبل مظاهرة يوم الجمعة القادم. لم أستطع مغادرة بيتي و حارتي التي لم تنمْ ليلةً بغير برميلٍ أو قذيفةٍ أو صاروخ لأنّ الخيمةَ تكرّس عندي شعورَ الحياة البديلة و العادات البديلة و الوطن البديل. و تُعجبني حارتي التي لا تربطها أيّ علاقة صداقةٍ مع الأنقاض فبعد كلّ غارةٍ نجتمع نحن أبناء الحارة لرفع أنقاض الأبنية أو الجدران المنهارة بالتعاون مع المجلس المحليّ في البلدة و الذي لا يدّخر أعضاؤه جهداً في تقديم يد العون في هذا المجال و في غيره، فرسوم النظافة منّا و منه العمل. و كلُّنا في الحارة راضون بما يقوم به المعلّمون من تعليمٍ لأبنائنا و ما يتّخذونه من إجراءات السلامة اللّازمة و المعمول بها قدر الإمكان، فلا يجمعون العدد الكبير من الطّلّاب في مكان واحد، و عادة ما يكون المكان هو في الطابق تحت الأرضيّ ( القبو ) و الذي كان أكثر تعاوناً معنا هو ( أبو عبدو ) قائد كتيبة …. و الذي نقل مقرَّه العسكريّ من بين الدُّور و الأبنية إلى خارج منطقة العمران فورَ أن طلبنا منه ذلك حتّى لا نترك ذريعةً لعدوٍّ يقول : أنا أقصف الإرهابيّين. لقد كنّا حريصين كلّ الحرص على أن يوكلَ العملُ الأمنيُّ لمخفر البلدة و الحارة و كان ذلك فلا مكان للّثام في الحارة و لا للمجاهيل الذين يأتون ليلاً لغاية. نبتعد عن الصلاة في المساجد ذات المآذن أو القباب الظاهرة و لا نتبرّع بالدّم في غير بنك الدّم أو المستشفيات القريبة. أوصي أولادي المجاهدين الثلاثة كلّ يوم: لا توجّهوا سلاحكم إلى غير صدر عدوّكم و أطيعوا قائدكم ما أطاع الله فيكم، فإذا طُلِبَ منكم القتال لمصلحة دنيا أو لغاية فصيلٍ فلا تقاتلوا. و أقول لهم : لا تقاتلوا من أجل المعابر، بل من أجل الشعب المحاصَر. و لا تقطعوا طريقاً فإنّ الله يرى. و لا تسرقوا مالاً فإنّ الجهاد أسمى. أنا أبو سالم عتّالٌ في سوق الثورة.
حسن أبو بكر
بيان حوى
ف . د
طريف يحيى الشيخ عثمان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة